آية الله العظمى الشيخ محمد حسين النائيني ( قدس سره )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الطاهرين
آية الله العظمى الشيخ محمد حسين النائيني ( قدس سره )
( 1273 ـ 1355 هـ )
إسمه ونسبه :
الشيخ محمَّد حسين بن عبد الرحيم النائيني ، نسبة إلى مدينة ( نائين ) التابعة لمحافظة أصفهان .
ولادته ونشأته :
ولد الشيخ النائيني سنة ( 1273 هـ ) ، ونشأ في أسرة علمية دينية معروفة ، فقد كان والده الشيخ عبد الرحيم يُلقب بشيخ الإسلام في ( أصفهان ) ، وهو يعادل لقب المفتي في البلاد العربية .
دراسته :
درس المبادئ وبعض أوليات العلوم في مدينته ( نائين ) ، ثُمَّ هاجر إلى أصفهان حوالي سنة ( 1293هـ ) ، لإكمال دراسته هناك .
فدرس عند الشيخ محمد باقر نجل الشيخ محمد تقي صاحب ( حاشية المعالم ) ، والشيخ محمد حسن المعروف بالهزار جريبي ، وأبي المعالي الكلباسي ، والشيخ جهانكير القشقائي ، الشهير بتضلعه بالحكمة والكلام .
أكمل الشيخ النائيني في أصفهان المقدمات ، ثُمَّ حضر في الفقه لدى الشيخ محمَّد باقر الأصفهاني ، وفي الأصول على الميرزا أبي المعالي الكلباسي ، وفي الحكمة والكلام لدى الشيخ جهانكير ، حتَّى نال من تلك العلوم قسطاً وافراً ، وحظاً عظيماً .
هجرته إلى العراق :
هاجر إلى العراق لإكمال دراسته ، واستقرَّ في مدينة ( سامراء ) ، في سنة ( 1303 هـ ) .
وحضر درس السيِّد إسماعيل الصدر ، ودرس عند السيِّد محمَّد الفشاراكي الأصفهاني .
ثُمَّ أخذ يحضر درس المجدِّد الشيرازي ، حتَّى وفاته سنة ( 1312 هـ ) .
ثُمَّ لازم السيِّد إسماعيل الصدر ، حتى عام ( 1314 هـ ) ، وهاجر معه إلى مدينة كربلاء المقدسة في تلك السنة ، وبقي معه عِدَّة سنين فيها .
انتقل بعد ذلك إلى النجف الأشرف ، فَتَوَثَّقت العلاقة فيها بينه وبين الآخوند الخراساني .
مكانته العلمية :
يتميَّز الشيخ محمد حسين النائيني عن أقرانه وعلماء عصره بمكانته العلمية الخاصة بينهم .
فلم يكن حَلَقة كباقي الحَلَقات التي يقتصر دورها على ربط الماضي بالحاضر ، ونقل نتاج الماضين إلى المعاصرين .
وانما كان حلقة مشعة ، ما زال شعاعها متواصلاً ومتوهجا في الدراسة الحوزوية التخصصية ، منذ أكثر من 60 عاماً وحتى الآن .
ولا تزال آراؤه ونظرياته تتداولها الأوساط العلمية ، وتهيمن بقوة على الفكر الأصولي في مرحلته المعاصرة .
ويعبر عنها باسم ( مدرسة النائيني ) ، بحيث يعد التطرق لرأي الشيخ النائيني في مسألة ما ، ومعالجته سلباً أو إيجابا ضرورة علمية .
ولم يكن المحقق الشيخ آغا بزرك الطهراني مبالِغاً حينما قال فيه :
( أمَّا هو في الأصول فأمر عظيم ، لأنه أحاط بكلِّيَّاته ، ودقَّقَه تدقيقاً مدهشاً ، وأتقنه إتقاناً غريباً .
وقد رنَّ الفضاء بأقواله ونظرياته العميقة ، كما انطبعت أفكار أكثر المعاصرين بطابع خاص من آرائه ، حتى عُدَّ مُجدِّداً في هذا العلم ، كما عُدَّت نظرياته مماثلة لنظريات شيخنا الخراساني ، صاحب الكفاية .
وكان لِبَحثه مِيزة خاصَّة ، لِدِقَّة مسلكه ، وغموض تحقيقاته ، فلا يحضره إلا ذوو الكفاءة من أهل النظر ، ولا مجال فيه للناشئة والمتوسطين ، لقصورهم عن
الاستفادة منه ) .
تدريسه وتلامذته :
استقلَّ بالتدريس بعد وفاة الآخوند الخراساني ، وكان مجلس بحثه حافلاً برجال الفضل ، وازدادت حوزته اتِّساعاً في عهد شيخ الشريعة ، ومن تلامذته نذكر :
1 - آية الله العظمى السيد جمال الدين الكلبايكاني .
2 - آية الله العظمى السيد محمود الشاهرودي .
3 - آية الله العظمى السيد محسن الحكيم .
4 - آية الله العظمى السيد أبي القاسم الخوئي .
5 - العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي .
6 - آية الله العظمى الشيخ حسين الحلي .
7 - آية الله الشيخ محمد تقي الآملي .
مرجعيته :
على صعيد المرجعية الدينية بَرَز اسم الشيخ النائيني مرجعاً دينيّاً في الفتوى والتقليد ، بعد وفاة شيخ الشريعة الأصفهاني ، فرجع إليه الناس في التقليد .
مواقفه السياسية :
نوجزها بالنقاط الآتية :
أولاً : كان أحد أعضاء هيئة العلماء التي تألَّفت لتوجيه الحركة الدستورية في إيران ، تحت إشراف الآخوند الخراساني ، وكان يتولَّى كتابة البرقيات والبيانات التي كانت تصدر باسم الآخوند .
ثانياً : كان من جملة العازمين على الرحيل مع الشيخ الخراساني إلى إيران ،
من أجل صَدِّ الهجوم الروسي على شمال إيران ، وتوجيه الحركة الدستورية من داخل الساحة الإيرانية ، نحو الاتجاه المطلوب الذي انحرفت عنه أخيراً .
لكن ذلك الرحيل لم يَتم ، بسبب الوفاة المفاجئة للشيخ الخراساني .
ويتمثل الجهد الاكبر الذي بذله الشيخ النائيني والدور الأعظم الذي أدَّاه في هذا الاتجاه في تأليف كتاب ( تنبيه الأمَّة وتنزيه الملة ) ، الذي يُعدُّ زبور الحركة الدستورية .
حيث قام الشيخ النائيني من خلاله بدور المنظّر الفكري ، وواضع الأسس الفقهية لها .
ثالثاً : عارض مع السيِّد أبي الحسن الأصفهاني ترشيح فيصل الأول لعرش العراق من قبل الإنكليز ، والانتداب الإنكليزي على العراق .
واستمرّا في معارضتها حتَّى وصل الأمر إلى تسفيرهما إلى إيران ، ثم عادا إلى العراق .
مؤلفاته :
نذكر أبرزها :
1 - رسالة لعمل المقلدين .
2 - حواش على العروة الوثقى .
3 - رسالة في اللباس المشكوك .
4 - رسالة في التعبدي والتوصلي .
5 – أجود التقريرات ، وهو تقريرات بحثه في الأصول ، لتلميذه السيِّد الخوئي .
6 – تنبيه الأمَّة وتنزيه الملة .
وفاته :
توفي الشيخ النائيني ( قدس سره ) في النجف الأشرف ، على أثر مرض ألمَّ به أواخر أيام حياته ، ولم يمهله طويلاً .
فلبَّى نداء رَبِّه سنة ( 1355هـ ) ، وشُيِّع جثمانه تشييعاً مُهيباً ، ودُفِنَ في النجف الأشرف .
وأقيمت على روحه الطاهرة مجالس الفاتحة بشكل واسع ، وأبَّنَه كثير من العلماء والشعراء .